إحباط واحدة من اخطر عمليات التهريب للسلع و البضائع الاستهلاكية

في عملية نوعية تجلى فيها عنصر التخطيط الذكي و المهارة تمكن جهاز الأمن السوداني منتصف الأسبوع المنصرم من إحباط واحدة من اخطر عمليات التهريب للسلع و البضائع الاستهلاكية المرتبطة ارتباط وثيق بالمعاش اليومي للناس.


 سلطات الأمن السوداني في الخرطوم وبحسب متابعات (سودان سفاري) قامت برصد ومتابعة لبعض المهربين الذين خططوا تخطيط دقيقاً لإخراج هذه السلع و البضائع من العاصمة الخرطوم بحيث لا يشعر بهم أحد وقد تضمن تخطيطهم سلوك الطرق الترابية الجانبية، قليلة المراقبة، وفي أوقات عادة ما تقل فيها الحركة العادية للمارة ولا تلتفت انتباه الجهات الأمنية.
وقام المهربون بإعداد 8 شاحنات ليحملوا على متنها السلع المعدة للتهريب. وتشير مصادر بالجهاز الأمني السوداني في منطقة جبل أولياء الواقعة إلى الجنوب الغربي من الخرطوم -حوالي 20 ميلاً- أنها ضبطت 1115 أسطوانة غاز و 345 جوال دقق و 25 برميل جازولين.
والذي يتأمل طبيعة هذه السلع المضبوطة يلاحظ من اول وهلة انها أولاً: سلعاً أساسية شديدة الأهمية و حدثت بشأنها في الأشهر القليلة الماضية أزمات خانقة للغاية في أرجاء مختلفة من السودان بما يشير إلى ان حالات الندرة التى ظلت تحدث يلعب فيها التهريب دور أساسي في تعميق الأزمة و تفاقمها، فسلعة الغاز الخاص بالطهي، سلعة يومية استهلاكية ذات أبعاد إستراتيجية في حياة المواطنين اليومية ويلقي بظلال سالبة سريعة على الحياة  اليومية و الأمر نفسه ينطبق على سعلة الدقيق الذي يصنع منه الخبز وكذلك الجازولين.
ثانياً، هي أيضاً سلع تتمتع بدعم مباشر من الدولة، ففي السودان تدعم الدولة غاز الطهي و الدقيق و الوقود وحرصاً منها على ثبات أسعارها وعدم ـأثر المستهلكين بارتفاع أسعارها بما قد يحرم الفئات الضعيفة من الحصول عليها. و في هذا المنحنى بالذات فان تهريب السلع المدعومة من هذا النوع يؤثر مباشرة على مجمل الاقتصاد السوداني ويحرم المستهلكين من الاستفادة من مزايا الدعم و يمنح المهربين فرصة للاغتناء والثراء من سلع مدعومة يقوموا ببيعها في الوجهة الموجهة اليها بأضعاف سعرها.
ثالثاً، الكميات المضبوطة مهولة بكل المقاييس و تأثيرها شديد الاثر، فحين يتم تهريب أكثر من 100 اسطوانة ويحدث فجوة ضخمة خاصة اذا كانت عمليات التهريب متعددة وفي اتجاهات مختلفة. على ذلك يمكن القول ان عملية إحباط عملية التهريب هذه إستراتيجية للغاية ، فهي لا تقتصر على مجرد ضبط جريمة تضر ضرر بليغاً باقتصاد الدولة ولا مجرمين يعتدون على حقوق المواطنين الحياتية المباشرة التى تتصل بمعاشهم اليومي ولكنها تمتد لتشمل صيانة الامن القومي للدولة، اذ ان المهربين بهذه المثابة يعملون على مفاقمة ازمات السودان و زيادة معاناة المواطنين فقط من أجل الثراء و الكسب السهل.
 ومن المؤكد انهم على دراية تامة بأنهم بهذا السلوك يضربون التدابير الاقتصادية و مجمل السياسات النقدية و الخطط الاقتصادية للدولة في الصميم، و يوجهون حرباً ضروساً للمواطن السوداني دون رحمة.
ان عملية (السد المنيع)، وهو الاسم الذي تم إطلاقه على عملية الضبط وهي  بالفعل كذلك، هي عملية رائدة تثبت يقظة السلطات الأمنية وحرصها على حراسة حدود و منافذ المدن و الولايات بتشكيل سد منيع يحول دون سرقة لقمة العيش الخاصة بالمواطن البسيط و يمنع المساس بإقتصاد الدولة وأمنها القومي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة