إجتماع الانتفاضة!

مع أن ما كان يعرف بـ(قوى الإجماع الوطني) إندثر وأصبح أثراً بعد عين، فى أعقاب الخلافات العميقة -غير القابلة للرتق- التى شقت صف الإجماع إلا أن (بعض القوى) التى ما تزال تعتقد انها حيّ لم يمت ربما جرياً على نظرية (الإمام الغائب) المعروفة،

تحاول (إحياء) ذكرى قوى الاجماع الوطني بعقد الاجتماعات ومحاولة اجراء عملية نقل دم عاجلة لها، عسى ولعل!
 يوم السبت 278/2016م كان واحداً من الايام التى تم فيها ذلك، فقد انعقد يومها اجتماع ضم حوالي 30 قيادياً لقوى الاجماع غالبهم من الحزب الشيوعي السوداني والبعث بأجنحته المختلفة، السوداني، الأصل، القومي! الناصري بأجنحته المختلفة التى تجاوزت الثلاثة أجنحة، إضافة إلى المؤتمر السوداني وبعض القوى التى عادة ما لا تعرف إلا حين يذكر اسمها فى مناسبة ما!
وبالطبع لم يكن مدهشاً ان يحاول اصحاب التحالف احياء ذكراه ومحاولة بعث الروح فيه، إذ أن الحنين والذكريات، والماضي بلا أدنى شك أقضَّت مضجع هؤلاء الرفاق المغلوبون على أمرهم، فغالبهم حزين لأنهم أصبحوا (يساراً خالصاً) بعد ان كانوا (مزيجاً) من اليسار والوسط واليمين.
ومن المؤكد ان (المزيج) كان يحقق مزايا سياسية مؤثرة لأنه يتيح ضجيجاً و (غطاء) مناسب وحركة سلسة! الآن تحولت قوى الإجماع إلى (اليسار) وليته موحد؛ يسار متقطع الاوصال متشاكس يعاني متاعب الوحدة! على الرغم من ان الناصري والبعث ذوي النزعة القومية دعاة وحدة رسالة واحدة وقومية واحدة!
 المهم في الأمر أن المدهش أن أجندة الاجتماع كانت تستصحب -دون أن تتسع عينيك دهشة عزيزنا القارئ- التركيز على وحدة التحالف! بالإضافة الى مناقشة (برنامج الانتفاضة)، ولا حاجة لنا هنا لانتقاد (وحدة التحالف) وبداخله أحزاب كانت (موحدة) ولكنها لم تعد كذلك، فالحضور نفسه يغني عن ذلك.
ولكن بإمكاننا ان نتمعن فى (برنامج الانتفاضة) ففي حين ان السودان تجري فيه وقائع الحوار الوطني، ولا زال في انتظار انعقاد الجمعية العمومية فى العاشر من اكتوبر 2016، فإن قوى الإجماع تناقش برنامج الانتفاضة! ولا شك ان القارئ الكريم وحتى لا يلتبس عليه الأمر فإن مدلول (برنامج الانتفاضة) المقصود لا علاقة له ببرامج من ذلك النوع الذي نشهده أو نسمعه فى التلفزيون أو الإذاعة، ولكنه برنامج إسقاط نظام الحكم!
 السيد فاروق أبو عيسى الذي استضاف الاجتماع فى منزله الرحب المرصّع بجماليات يصعب على الزائر ألاّ يتأمل فيها ويستحسنها حضّ ضيوفه على (المضيّ قدماً) على طريق الانتفاضة، كيف ذلك، يشرح ابو عيسى بقوله (باستيعاب كل القوى والمنظمات المؤمنة بإسقاط النظام).
ولأن الحضور ربما كانوا في قرارة أنفسهم يعلمون صعوبة الاجابة على السؤال فإن أحداً لم يجرؤ على سؤال أبو عيسى عن ماهية تلك (القوى والمنظمات المؤمنة بإسقاط النظام)! فأنت حين تزعم وتدّعي انك تحالف (لإجماع وطني) فإن من المدهش ان تتحدث في ذات الوقت عن (استيعاب قوى ومنظمات) خارج هذا الإجماع، فإما أن الإجماع مجرد مسمى وليس اجماعاً -لوجود قوى ومنظمات مهمة خارجه- كما يقرر بذلك أبو عيسى؛ وإما أن الحديث كان مرسلاً ومنطلقاً على عواهنه لمجرد تزجية النفس والوقت وملء الفراغ.
وعلى كل فإن قوى الاجماع فيما يبدو ما تزال مؤمنة بإسقاط نظام عن طريق انتفاضة شعبية تقودها هي، والدليل على ذلك انها عقدت هذا الاجتماع وقررت فيه ذلك ثم تفرق جمعها وهم لا يلوون على شيء!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة