مؤشرات ضبط مؤن أجنبية فى أبو كرشولا!

لم تزد الأنباء الموثقة التى أوردتها وكالة السودان للأنباء (سونا) حول ضبط مؤن لمنظمات وجهات دولية فى مخلّفات حرب منطقة أبو كرشولا بولاية جنوب كردفان عن كونها أضافت (أدلة) إضافية لجريمة دولية معروفة ومثبتة.
فمن الطبيعي والمعلوم بالضرورة منذ بداية الحرب الداخلية المستعرة فى أنحاء السودان أن العامل الأكثر تأجيجاً وتسعيراً لها هو العامل الأجنبي الخارجي.  هذه الفرضية تجاوزتها الأحداث، فالمحرك الرئيسي لكل ما يجري فى السودان هو محرك أجنبي له أهدافه الخاصة جداً والتي لا يشاركه فيها الأشقياء الذين جعلت منهم هذه الجهات الدولية وقوداً للحريق.
وقد كانت هنالك عدة إشارات على أن ما تشنّه الثورية من هجمات هو عمل خارجي محض وإن تم بأيدي متمردين سودانيين.
المؤشر الأول الآليات وعربات الدفع الرباعي الحديثة والتي تمت بها الهجمات، فهي مشتراة بتمويل أجنبي لأن من غير المتصور أن يقوم متمردون بشراء سيارات بهذا القدر وبهذا الحجم (من جيوبهم الخاصة) ويتم شحنها لهم مباشرة الى مقر الهجوم!
من المفروغ منه أن هنالك (جهة ما) تشتري هذه السيارات من الشركات المعنية وتقوم بشحنها ببوليصة شحن تحمل جنسية لدولة معينة ومحطة وصول بدولة معينة (ميناء) ومن ثم يتم تسيلمها رسمياً بواسطة تلك الدولة ليستخدمها المتردون.
هذا الأمر ظل يتم منذ أزمة دارفور. حركة خليل اشترى لها القذافي مئات السيارات التى هاجمت بها أمدرمان مصحوبة بمدافع محملة عليها. حركة عبد الواحد تشحن لها إسرائيل من إيلات مئات السيارات والمدافع الخفيفة الحديثة لتمر عبر كينيا وتحط رحالها فى كمبالا، ثم تؤخذ براً الى الجنوب ومنه الى دارفور.
هذه أمور أصبحت معروفة ومألوفة وهي فاتورة مؤجلة فى رقاب المتمردين بكمبيالاتها وفوائدها ومستحقاتها الأخرى، غير أن ما يمكن أن يلفت الانتباه بشأن ما جرى فيها من فظائع لم يكن فقط مجرد هجوم لأغراض تكتيكية.
لقد بدا واضحاً أن هنالك (هدفاً استراتجياً) يقضي بأن تتم السيطرة على المنطقة واحتلالها بصفة دائمة. ولهذا شهدنا كيف تخلصت الثورية من أي عناصر مناوئة لها بسرعة، وتركت مواطني المنطقة يهربون ويفرون بجلدهم وقامت بحشد كل قواتها وعتادها فى المنطقة.
كل هذه الترتيبات كانت مؤشراً على نية احتلال دائمة وهذا يفسر لنا وجود هذه (المؤن) بتلك الكثافة ودون مواربة، ففي حسابات الذي زوّدوا الثورية بتلك المؤن أن هناك استحالة فى إمكانية استعادتها بواسطة الحكومة السودانية وأغلب الظن أن حسابات وعوامل المناخ، وفصل الخريف، وهطول الأمطار مع صعوبة الحركة والتكتيك كلها عناصر تعيق استرداد المدينة، ولهذا جاء اللعب بالمكشوف.
الأمر الثاني إن من المحتمل أيضاً – كما رأينا فى أحداث جرت من قبل فى النيل الأزرق – أن يكون من بين المتمردين عناصر أجنبية (مرتزقة) يعملون ضمن قوات المتمردين، ولهذا جاءوا يحملون (زادهم) فهم غير معتادين على الطعام المحلي!
وهكذا، يمكن القول إن السودان لا يواجه تمرداً مسلحاً يستهدف فقط سلطته الحاكمة؛ هنالك (عمل خارجي) واسع النطاق يجري لنيل هذه الثمرة السودانية الناضجة بأي ثمن!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة