رغم وصول زعيم المعارضة
فى جنوب السودان رياك مشار وإعلان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية فى جوبا، مازال
تحقيق السلام فى الدولة الوليدة هدفاً بعيد المنال، ذلك لأن هذه التطورات الأخيرة والضغوط
حملت سلاماً هشاً أكثر من عملية سلام..
متماسكة،
وبالتالى ظلال ذلك النزاع على الجوار وخاصة السودان ستبقى قائمة كتهديد كبير.
وبنظر المراقبين فإن الأطراف الخارجية لعبت دوراً كبيراً فى تعميق التباعدات بين
مكونات جنوب السودان، ليس فقط على مستوى النخب وإنما حتى على مستوى الأفراد
العاديين، إذ تعتبر مشاركة حركة العدل والمساواة فى النزاع بين الجنوبيين إحدى
أكبر المشكلات فى مرحلة السلام. وتتمسك المعارضة ــ والتى هى من النوير ــ بالعدالة
للضحايا، وطرد كافة القوات العسكرية الاجنبية من البلاد بالاخص عناصر «العدل
والمساواة» السودانية التى تنسب لها العديد من الجرائم الخطيرة بحق مجمتعات النوير
فى ولايتى الوحدة وبحر الغزال، فضلاً عن القوات اليوغندية. ازدواجية المعايير
مجدداً تعود إلى الواجهة قضية تورط متمردي فصيل العدل والمساواة فى الجرائم
الخطيرة التى ارتكبت خلال الصراع الجنوبى ــ الجنوبى الذى اندلع فى 13 ديسمبر2013م
رغم محاولات بعض الدوائر تجنب ذلك، إلا أنها حاولت طرح مسار العدالة الجنائية
الدولية فى مواجهة أطراف النزاع فى جنوب السودان، ومع ذلك تتجلى ازداوجية المعايير
والكيل بمكاييل متعددة، فالحماس لصالح مساندة «المحكمة الجنائية الدولية» فى
تحركاتها ضد قادة السودان يقابله اليوم تواطؤ مكشوف من ذات الدوائر فى ملف جنوب السودان!!
ورغم أن الأمم المتحدة أثارت في أكثر من مرة ــ عبر تقاريرها التى تصدر عن بعثتها
فى جنوب السودان أو مجلس حقوق الإنسان بجنيف وكذلك تقارير المنظمات الحقوقية
الدولية كمنظمة «هيومان رايتس ووتش» ــ الجرائم الخطيرة المرتكبة من قبل أطراف
الصراع، إلا أن نبرتها خفت كثيراً أخيراً. تورط ورغم تورط حركات
التمرد فى السودان فى الاقتتال فى جنوب السودان، لكن تكاد تغيب حتى مجرد الإدانات
والشجب من قبل مكونات المجتمع الدولى ناهيك عن محاسبة هؤلاء على تجاوزاتهم الخطيرة
وتهديدهم للأمن والسلم الدوليين بمنظور ما يسمى الأسرة الدولية نفسها!!. ومن
المفارقات هنا، أن مشروع «كفاية» الذى ابتدر الدعوة لمحاسبة المتورطين فى
تلك الانتهاكات كان يرفع تلك المطالبات فى جهة حلفائه من قادة الحركة الشعبية لأجل
دفعهم تحت وطأة ذلك التهديد للتوصل الى أية صيغة من السلام، لأن فى استمرار الصراع
فى جنوب السودان ــ وبتلك الوحشية ــ يعنى إدانة أخلاقية لمّا أطلق عليه «لوبى الدولة
الفاشلة»، ويُقصد بهم الأشخاص والمنظمات التى ظلت تدافع عن متمردى الحركة الشعبية
فى مواجهة الحكومة السودانية منذ مرحلة التمرد وحتى إعلان دولة جنوب السودان، حيث
تعتبِر هذه المجموعات أن هذا كان إنجازاً لها، وأن الدولة الوليدة تعتبر وليداً
شرعياً لجهود تاريخية منظّمة ظلت تقوم بها لدى دوائر صناعة القرار بواشنطون. صراع
دموي وكذلك من المفارقات أن تكون العدالة الدولية هي الآن أُولى الضحايا على أيدى
المنادين بها والرافعين لشعارها، وهو ما حدث فى حالة جنوب السودان، فما جرى «فى
الفترة بين ديسمبر2013م وحتى إعلان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية فى جوبا فى
أبريل2015»،
يفوق الخيال من حيث حجم ومستوى الجرائم المقترفة على ايدى الطراف الصراع من حلفاء
الغرب ضد الأبرياء فى دولة جنوب السودان. وبحسب بعض المتابعين، فإن مسار «العدالة
الدولية» فى حالة جنوب السودان لن يتحقق للآتى: أولاً: رغبة الدول الكبرى فى
عدم فتح هذا الملف والاكتفاء بعملية سلام تحفظ ماء وجه هؤلاء، وذلك لأن فتح ملف
التجاوزات سيدينها هى بطريقة أو اخرى خاصة الولايات المتحدة الامريكية. ثانياً:
نفوذ المجموعات غير الحكومية التى تلعب بورقة العدالة الدولية وتعتبر متورطة أو
طرفاً فى الصراع الدموى فى جنوب السودان، وتعتبر كذلك بمثابة حلقة وصل بين حكومة
الجنوب وفصائل التمرد السودانية. ثالثاً: إن ورقة «العدالة الدولية» تعتبر وسيلة
ضغط سياسية لممارسة الضغوط وفرض المساومات على الخصوم وليس الانتصار للقيم
الانسانية أو تحقيق العدالة للضحايا. ووثقت الأمم المتحدة كافة الجرائم التى
ارتكبتها اطراف النزاع فى جنوب السودان بما فى ذلك متمردو العدل والمساواة فى
تقرير لبعثة «اليوناميس» يناير 2015م. الاختطاف والتجنيد القسريين رغم أن ممارسة خطف
المواطنين الأبرياء من الأسواق والطرقات العامة تعتبر ممارسة شائعة لدى حركات
التمرد فى دارفور لاسيما حركة العدل والمساواة، إلا عمليات الاختطاف الممنهجة
ازدادت وتيرتها عندما انتقلت الحركة الى أراضى دولة جنوب السودان الذي وفر لها
المأوى للتدريب والتسليح وكافة التسهيلات اللوجستية. ووفقاً لتقارير موثقة
تم تسريبها من معسكرات الحركة فى راجا وخور شمام وديم زبير ــ حيث مازالت الحركة
توجد هناك ــ فإن عدد الذين تم اختطافهم قد بلغ نحو ستة آلاف شخص معظهم من دارفور
وكردفان وأغلبهم كانوا يعملون بالتجارة في دولة جنوب السودان، بجانب أطفال وشباب
تم اختطافهم من ولاية جنوب كردفان لاسيما من مناطق جاو والدار وبحيرة الابيض،
فضلاً عن ابناء النوبة الذين يعيشون فى معسكر «ييدا» بدولة جنوب السودان. وتم
توزيع «المختطفين» الذين أجبروا على التجنيد القسرى مع
قوات الحركة على معسكرات الحركة التى تقع تحت إشراف وتنسيق وثيق مع كبار المسؤولين
باستخبارات الجيش الشعبى. الاغتصاب والقتل أوردت تقارير دولية عديدة شهادات تثبت
قيام عناصر من حركة العدل والمساواة بعمليات اغتصاب واسعة النطاق جرت فى مناطق
قبائل «النوير» بولاية الوحدة، وبلغت عمليات الاغتصاب
ذروتها عندما دخلت قوات حركة العدل والمساواة مدن: بانتيو وفاريانق واللير ووزين،
وتشير تلك الوثائق إلى أن الاغتصاب كان سياسة ممنهجة وبعلم سلطات جنوب السودان
التى أرادت معاقبة مجتمعات النوير، حيث ان أغلب عناصر المعارضة المسلحة فى الواقع
هم من تلك القبيلة لاسيما فى ولاية الوحدة، حيث سعت قوات سلفا كير للسيطرة على
مناطق الإنتاج وحرمان المعارضة من أية اوراق للضغط او المناورة. مجزرة بانتيو وقعت
هذه المجزرة المروعة فى أبريل 2014م عندما أقدمت عناصر من المعارضة التى يقودها
رياك مشار على قتل عدد كبير من المواطنين السودانيين بالمدينة، انتقاماً من مشاركة
عناصر حركة «العدل والمساواة» في القتال الى جانب قوات الجيش الشعبى بقيادة سلفا
كير ضد المعارضة الجنوبية، ونسبت اليهم ممارسات مروعة بحق النوير لاسيما النساء. وبحسب تقارير
«يوناميس» فإن عدد الضحايا يتفاوت بين «200» الى «400» شخص عندما احتموا بأحد
المساجد بسوق المدينة ومقر يتبع لإحدى المنظمات الأجنبية بعدما استردت قوات
المعارضة الجنوبية السيطرة على مدينة بانيتو، بينما أكدت حكومة جوبا أن عدد ضحايا
المجزرة وصل لنحو «406». إفادات «جبل مون» إن تورط العدل والمساواة فى النزاع فى
جنوب السودان لا يحتاج الى إيراد أدلة، وبحسب مهدى جبل مون القائد الميدانى المنشق
عن حركة العدل والمساواة أخيراً، وهو احد الذين شاركوا فى قيادة الهجوم، فقد قال
بالحرف الواحد ــ فى حوار صحفى أجرى معه حول المشاركة فى الهجوم على بانتيو ــ
«جاءتنا تعليمات من رئيس الحركة بأنه ننسق مع رئيس الدولة سلفا كير لمساعدته في قتال
المتمردين، ثم قدتُ أنا القوات إلى فاريانق فتعرضنا لهجوم وانسحبنا، ثم تم إرسال
وقود وذخائر لنا لإسقاط بانتيو، وقالوا لنا «أصبحتم جيشاً نظامياً لديكم رواتب»،
فأسقطنا بانتيو لصالح الحكومة، وطردنا قوات مشار الى منطقة وِزين، وتم نهب البنك
هناك «ولكن لا أعرف شيئاً عما حدث». أدلة قاطعة وتحصل المركز السودانى للخدمات
الصحفية (SMC) على معلومات تفصيلية دقيقة حول تورط العدل
والمساواة فى النزاع فى جنوب السودان أكدتها شهادات المنشقين عن الحركة والتقارير
الدولية، كما تؤكدها الاتهامات التى أوردتها المعارضة فى جنوب السودان حول الجرائم
التى ارتكبتها قوات الحركة هنا. وبالاستناد الى بعض
مصادر عليمة فى معسكرات الحركة بدولة جنوب السودان، فقد كانت مشاركات الحركة في
حرب صراع الجنوبيين على النحو التالى: بتاريخ 28/12/2014م شاركت بقوة بقيادة
ابراهيم قارسيل مع قوات سلفا كير فى طرد قوة تتبع لرياك مشار من وحدة المعالجة في
فارينق والى خارج حدود هذه المنطقة. وبتاريخ 8/12/ 2013م
هاجمت قوات حركة العدل والمساواة قوات النوير داخل فان أكوج معسكر الألوية وغنموا
منهم راجمة بالإضافة لمدفع « 37 ذو». وبتاريخ 9/1/2014م استلمت قوات الحركة
قبل دخولها الى بانتيو منطقتى «يونتى» و«ثلاثينا» بقيادة
المتمرد بشارة آدم على مع قوة مشاة من الجيش الشعبي تقدر بحوالى «500» جندي،
واستولت على كمية من الأسلحة والذخائر والعربات شملت «1هاون 120ــ 1 مدفع 37
ذو 56 دانة هاون120 ــ 556 دانة هاون 82 140 دانة مدفع 106 ــ140 دانة مدفع P10 3000 طلقة مدفع ثاني23 300
طلقة مدفع ذو ــ 50 صندوق ذخيرة دوشكا ــ 2 عربة zy ــ 2 عربة لاندكوزر ــ
عربة بوكس». بتاريخ 10/1/2014م دخلت قوات من الحركة مدينة
«بانتيو» وقامت بعمليات نهب واسعة للمدينة ولمعسكرات الجيش الشعبي بناءً على اتفاق
مسبق مع رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ينص على أن تأخذ الحركة أية غنائم تحصل
عليها، وقد كانت على النحو الآتى: نهب مبلغ عشرة ملايين جنيه جنوبي من بنك ايفورى ببانتيو
ــ 2 مدفع رباعى ــ 4 هاون 120 ــ مدفع ثنائى ــ 8 عربات كبيرة محملة بالذخائر
وتعيينات مختلفة ــ عشر عربات لاندكروزر بك آب ــ 15 عربة بكس ــ كميات كبيرة من
الأدوية والتعيينات «حمولة 3 عربات من احدى شركات البترول» ــ 3 تناكر وقود ــ
كميات كبيرة من الذخائر المختلفة ودانات 106 ودانات هاون وذخائر مضادات، بالإضافة
لدانات راجمات 40 دليل حوالى 200 دانة». وبحسب نفس الوثائق فقد «امتدت عمليات
النهب وشملت منازل المواطنين والدكاكين ومخازن البضائع ومخازن الدقيق، وتم تأمين
عملية نقل المنهوبات من مدينتى بانتيو وفارينق الى مناطق جاو والدار عندما كانت
قوات الحركة تقاتل تحت غطاء الجبهة الثورية بجنوب كردفان». واستناداً لتلك الوثائق
كذلك فقد استمرت مشاركة الحركة في النزاع من بانتيو مروراً بالكيلو «30»، كما
شاركت قوات الحركة فى معارك يونتى وسارجاث والليرى وادوك البحر التى ارتكبت فيها قوات
الحركة انتهاكات جسيمة ضد نساء النوير، وقد أثبتت هذه الانتهاكات والجرائم بواسطة
لجان متخصصة من الأمم المتحدة، وأكدت أن عناصر الحركة قاموا بالعديد من عمليات
الاغتصاب والقتل للنساء والأطفال
تعليقات
إرسال تعليق