عن إقليم واحد كنتيجة غير متوقعة للاستفتاء الإداري يقول الرئيس البشير إن هناك من يريد مزيداً من الولايات في دارفور.
>
وعن مخاوف من تقرير مصير مكرر في دارفور بعد تجربة جنوب السودان، يقول
رئيس مكتب سلام دارفور دكتور أمين حسن عمر إن دارفور لن تنفصل إلى يوم
القيامة. لكن الحال الآن ينطبق عليه المثل السوداني «كتلوك ولا جوك جوك..»
وقد انطبق من قبل على حال جنوب السودان لأن اسمه «جنوب السودان». والآن
نتحدث عن اسم «دارفور» اسم الإقليم المكون من خمس ولايات.. وهو تقسيم مستحق
حسب الظروف إذا كان الإقليم الأوسط قد قسم إلى أربعة ولايات بدون ظروف
ضاغطة.
> فكان يمكن أن تكون سنار والنيل الأزرق ولاية واحدة..
والجزيرة والنيل الأبيض أيضاً ولاية واحدة.. وسميت الجزيرة بوجود النيلين..
والآن النيل الأبيض لا علاقة له بها.. فلا داعي إذن الآن لاستمرار اسم
الجزيرة طبعاً.. ما عادت التسمية مناسبة الآن للوضع القائم.
> واسم
دارفور كان يمكن أن تسمى به ولاية واحدة أو اثنتان على الأكثر.. لكن أن
تصبح الولايات المربوطة باسم دارفور خمس أو ست أو سبع أو عشر.. فهذا سيستمر
يمثل حاضنة لمصطلح الإقليم الواحد وهو يعزز من خصوصيته دون مناطق السودان
الأخرى .. كما كان الحال مع جنوب السودان. وكان يمكن تفكيك فكرة تقرير
المصير التي اختمرت منذ خروج الاحتلال البريطاني في أذهان الجنوبيين من
خلال تعيين جنوبيين حكاماً في أقاليم شمالية مسماة بغير أسماء الاتجاهات
الجغرافية. لكن من كان يفكر؟ ونسمع بعد ذلك زيفاً بالمفكر فلان والسياسي
المحنك علان والسيد فلتكان. والقوى الأجنبية يهمها في إطار التآمر على
البلاد بتناول إقليم دارفور الآن عوضاً عن إقليم الجنوب الذي انفصل وتحول
إلى خطوط إمداد للتمرد بمختلف مسمياته.. القوى الأجنبية يهمها أن تستمر
مصطلحات تحفظ إمكانية استئناف الأزمة بعد كل مرحلة تسوية.
>
والمتمردون هؤلاء هم متمردو مرحلة واحدة.. فهم لاحقون وسابقون.. لكن التمرد
يظل يتجدد مصطلحات تخدم تذرعه. ولو كان الآن سيكون الاستفتاء.. وبعده
التسوية التي سيأتي إليها المتمردون بعد هزائمهم المتلاحقة.. ثم الحوار
الوطني الذي سيحفظ لقادة التمرد ماء وجوههم. فإن غداً ستحرض القوى الأجنبية
بعض المواطنين على تمرد آخر تكون ذريعته ضرورة تقسيم دارفور إلى ولايات
إذا كانت نتيجة الاستفتاء أن تكون ولاية واحدة . أو تكون ذريعته ضرورة جعله
إقليماً واحداً إذا كانت نتيجة الاستفتاء التقسيم.. وهي النتيجة المتوقعة.
> ووقتها سيكون جبريل ومناوي وعبدالواحد وعقار والحلو أعضاء في الحكومة، ويكون بعض من عملوا معهم قادة في التمرد الجديد.
>
وهذه الصورة قريبة جداً من صورة المشهد بعد اتفاقية أديس أبابا 1972م..
فقد كانت التسوية ومنصور وكانت بعدها أنانيا 2، وتقسيم الجنوب إلى ثلاثة
أقاليم. ولو كان الجنوب مقسماً إلى حين توقيع الاتفاقية وجاء توحيده
ادارياً بعدها.. لكانت ذريعة تمرد 1983م هي رفض توحيد الجنوب مراعاة
لخلافات ثقافية بين الإستوائيين والنيليين.
> هكذا دائماً تصنع القوى
الأجنبية الذرائع حتى لو كانت تغيب عنها الحقيقة. فهي لا تشعر بالحاجة إلى
معرفة الحقيقة بقدر إنها تريد أن تصمم الذرائع لاستئناف الحروب بقادة جدد
يطرحون خلاف ما طرحوه قدامى المتمردين. وحقيقة دارفور الغائبة عن القوى
الأجنبية هي أن اسم دارفور يخص أقل من ربع مساحة الإقليم .. ما يعني أن
حكاية تقرير المصير لا تجد واقعاً فيه. ولذلك صدق دكتور أمين سواء كان
مدركاً لهذه الحقيقة الغائبة دولياً أو لم يكن. هذه الحقيقة إذا أدركها أهل
دارفور لعرفوا أن الرهان في حل المشكلات التي سبقت التمرد على المتمردين
في أية مرحلة يبقى رهاناً خاسراً. وخاصة إذا وضعنا في الاعتبار المقارنة
بين المشكلات العادية ما قبل تمرد دارفور وبين المشكلات الكارثية التي نتجت
عن التمرد هذا. وإذا كانت المشكلات التنموية غير قائمة وأنها في طريقها
إلى الحلول كما هو الحال الآن .. فإن القوى الأجنبية يمكنها أن ترسم مشكلات
لا علاقة لها بالتنمية .. لأن قرارها بنسف الاستقرار قائم تحت أية ذريعة.
فلن يسمح الأعداء بأن يصل السودان العنيد بكرامته مستوى الرفاهية .. وفي
هذا التآمر يكسب بعض أبناء الوطن مادياً أو نفسياً أو الكسبين . والكسب
النفسي سببه فشل الحكام الأوائل بعد الاستقلال. السيد فلان والزعيم علان
والمفكر فلتكان.. فأين ثمارهم؟
تعليقات
إرسال تعليق