تقرير: عبد الله عبد الرحيم
برغم حقوق السيادة التي نالتها دولة الجنوب مؤخراً على كل مناطق وقرى وأراضي الدولة الحديثة، إلا أن التدخلات الخارجية ظلت تلاحق حكومة دولة الجنوب بين الفينة والأخرى، وقد تابع الكثيرون كيف أن دول الغرب ظلت تلعب دوراً كبيراً في تشكيل ومحاولة إعادة صياغة إنسانه ليتوافق والأيدولوجيات الغربية، بحثاً عن التسهيلات الممكن تقديمها لتلك الدول في ظل سيطرتها على العلاقات الخارجية للدولة الحديثة « جنوب السودان»، وأكدت مصادر غربية أن مصادر الطاقة والمعادن التي تزخر بها أراضي الجنوب كفيلة بتغيير معادلة ما يعرف بالنظام العالمي الجديد، وقت أن كان ذلك التيار يلعب دوراً كبيراً في السياسات الخارجية لمعظم الدول أو كلها في إطار السباق المحموم بين دول القطبين الجنوبي والشمالي في السيطرة على موارد العالم، في ظل التحدي الماثل أمام الدول لفرض رؤية أحادية الجانب. وكان وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان قد وصل العاصمة الاثيوبية في زيارة عمل تستغرق عدة أيام، ومن المتوقع بحسب وسائل الاعلام أن ليبرمان سيجري عدداً من المباحثات مع مع مسوؤلين أثيوبيين. ويضم وفده أكثر من «50» عضواً من مديرين ورؤساء كبرى الشركات الإسرائيلية، كما أنه سيزور كلاً من دولة جنوب السودان والعديد من دول حوض النيل في المنطقة.أصابع خفيةوبحسب بعض المتابعين، أن إسرائيل ظلت ولفترة طويلة تهتم بشأن دول حوض النيل في تدخل واضح للاستيلاء على هذا المورد المهم، في هذه الفترة الحرجة والتي تعرف بفترة حرب المياه. بل وأن هناك من يؤكد الدور السالب لإسرائيل في المنطقة، وأنها تحاول أن تدخل لتلعب في قضية مياه النيل في الجنوب مثلما تفعل في باقي دول حوض النيل، وأثير في الآونة الأخيرة أنها تتدخل في قناة جونقلي لتحقيق مصالحها المائية، حيث تسعى للحصول على المياه من خلال مصر، ولكن في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك أدلى بتصريح أوضح من خلاله أن مياه النيل لن تخرج لأي دولة عبر مصر بعد ان شهدت العلاقات المصرية الاسرائيلية فتوراً، كما أن هناك عدم ارتياح اسلامي عربي لتمديد الحكومة المصرية العلاقة مع دولة العدو الصيهوني بعد أن أجمع كل اعضاء المنظمة العربية على ذلك. ويقول شاهد عيان ربما تلك التفاصيل عن وجود إسرائيل فى الجنوب قبل اثني عشر عاماً كان واضحاً ومعلناً فقد كان معروفاً أن إسرائيل تدرب الآلاف من قوات الحركة الشعبية على الحدود مع أوغندا، بل أن أبرز أعضاء الحركة الشعبية آنذاك والذي شغل فيما بعد وزارة سيادية هامة في الحكومة المركزية السابقة لم ينفه، وزاد عليه أن هناك دولة على حدود مصر والسودان كانت تمد الحركة بالسلاح ومنه على سبيل المثال أربعة عشر ألف كلاشينكوف. وبحسب متابعين سودانيين للأوضاع في منطقة حوض النيل، فإن السودان أكد كثيراً مدى التدخل الإسرائيلي في أرض الجنوب بل وأنها كان لها دور بارز في تأجيج الصراع بمد الحركة الشعبية بالأسلحة والمعدات الثقيلة، لإطالة أمد الصراع من واقع إستراتيجي حتى لا تتم الاستفادة من الموارد هناك سواء كانت على سبيل المثال البترول أو بقية المعادن الكثيرة التي تزخر بها أرض جنوب السودان.حرب المواردوأكد الخبير الاستراتيجي الدكتور السر محمد لـ«الإنتباهة»، أن حقيقة هذا الوجود قديم منذ أزمان بعيدة وأشار السر إلا أن الأسرائيليين يرون أن وضع أيديهم على منابع النيل إحدى اللوازم الدينية بحسب بعض كتبهم المقدسة، التي وضعت أرض النيل ومنابعه من صميم الامتدادات الإسرائيلية. ويقول السر إن هذه المعلومة لم تكن فائتة على الكثير من الاسلاميين الذين وضعوا دولة إسرائيل من ألد أعداء الأمة الاسلامية، ويضيف السر إلا أن المستجدات في الساحة الدولية أدت إلى وجود تدخلات أخرى من دول ذات نفوذ في إطار السعي الجاد لوضع اليد على الموارد، غير أن اسرائيل كان لوجودها الأثر الأكبر في وقت كانت تسعى فيه حكومة الجنوب قبل الانفصال، وإبان الحرب مع الخرطوم في إيجاد دول تستند عليها في حربها مع الحكومة السودانية. وكانت إسرائيل هي أقوى الخيارات من واقع العداء الضارب في الجذور مع الأمة العربية ومن ضمنها السودان، والشيء الآخر هو مدى التقدم التكنولوجي وإمتلاكها للثروات المالية الضخمة التي تحتاجها حكومة الجنوب وبقية دول الحوض الفقيرة. ونادى د.السر الحكومة السودانية وحكومة مصر إلى اخذ التحوطات اللازمة، لجهة ضمان عدم التأثير على حصص البلدين في مياه النيل مشيراً إلى أن بناء سد النهضة ووقوف اسرائيل بمعية دول اخرى في تنفيذه إنما من ورائه مخطط كبير يصاغ للتأثير على تلك الحصص التأريخية من المياه لكل من البلدين السودان ومصر، مؤكداً أن السودان ربما وعي الدرس جيداً حينما قام بخلق توازنات في سياسته الخارجية مع بعض دول حوض النيل خاصة إثيوبيا التي اتفق معها على عدم المساس بأمنه المائي، ولكنه يقول إن ما يذاع من انتشار للوجود الاجنبي الاستثماري في تلك الدول يثير العديد من المخاوف في إلغاء تلك الدول لكافة الاستحقاقات القديمة من المواثيق والمعاهدات، في سبيل السيطرة على مورد المياه المتصارع حوله. مؤكداً أنه لا يوجد ما يحمي الاتفاقيات القديمة بداعي تطاول الأمد عليها ومن أنها فنيت وأصبحت موادها بالية وفقاً لمجددات الساحة الدولية مؤخراً. ورغم أن تربصات العديد من الدول صاحبة الاجندة الخفية في موارد المنطقة البترولية والمعدنية، إلا أن التربص الإسرائيلي للكثير من الخبراء يظهر أنه الأكثر خطورة ويأمل هؤلاء في ان تتحد دول الحوض للحيلولة دون تدخلات خارجية في شؤونها خاصة دولتي السودان ومصر اللتين أعلنتا انسحابهما ومقاطعة اجتماع مهم لدول الحوض في وقت سابق، والذي ترتبت عليه الكثير من المواثيق السرية رغم أنها أصبحت علنية بحدوثها على أرض الواقع.
تعليقات
إرسال تعليق