لماذا فارق الشعبي تحالف المعارضة!

لا شك أن مفارقة الشعبي لتحالف المعارضة والذي بدا مفاجئاً للتحالف جاء بناء على حيثيات سياسية وأسباب بعضها معلن وواضح ولكن غالبها بالضرورة غائب عن المشهد. وبحسب تصريحات المتحدث بإسم التحالف محمد ضياء الدين فإن الشعبي قرر الدخول فى حوار مع الوطني والشروط التى قررها التحالف اعتبرها الشعبي ممكنة الطرح داخل قاعة الحوار والتفاوض.
ومن هنا يمكننا أن نستخلص بوضوح أن الشعبي اختلف تماماً فى رؤيته للحوار سواء من حيث المبدأ، أو من حيث الموضوع. إذ أنه ومن حيث المبدأ فإن تحالف المعارضة يرفض أيّ حوار أو تفاوض قبل الوفاء بشروط أجملها كما هو معروف فى إطلاق الحريات وإطلاق سراح المعتقلين وتكوين حكومة انتقالية، بينما يرى الشعبي أن الحوار -فى حد ذاته-  منذ أن قرر الشعبي منفرداً المشاركة فى حضور فعاليات خطاب الرئيس البشير فى الخامس العشرين من يناير الماضي بقاعة الصداقة بالخرطوم فقد كان التحالف قد قرر عبر هيئته ألا يشارك أيّ طرف من أطرافه فى ذلك اللقاء وهو ما خالفه الشعبي وكان واضحاً انه بدأ يسير في اتجاه مغاير للتحالف.
أما من حيث الموضوع فإن الشعبي اعتبر أن الدخول في حوار ضروري ومهم لطرح رؤيته والتحاور بشأنها مع رؤية الوطني للوصول الى صيغة مثلى ونهائية وهو ما يعتقد التحالف أنه أمر مجرّب وسبق أن حدث ولن يفضي الى شيء ولكن الشعبي –كمن يعلم شيئاً بطريقة خاصة ومنفردة– مضى بقوة بإتجاه الحوار غير عابئ بخسارة علاقته بالتحالف.
تلك إذن على وجه الإجمال مكامن الخلاف بين الجانبين التى ظهرت على السطح بوضوح، فهل هناك من أسباب ودوافع أخرى عجلت بهذا الخروج المفاجئ والمؤثر؟
الواقع يمكننا أن نتلمس عدة إشارات لعدد من الأمور الباطنة. أولاً، ربما شعر الشعبي انه قادر على كسب مباراة الحوار هذه بقدراته الخاصة وبمعرفته الوثيقة للفريق الآخر وأن من شأن خوضه للحوار تحت لافتة التحالف أن يعيق حركته ومناوراته ومهاراته الفردية وهذه بالطبع راجعة الى أن الشعبي فى الواقع هو الأكثر والأقدر على تلمس جديته من عدمها بحسب الخبرة والمعرفة اللصيقة، فيما لا يتوافر ذلك لدى التحالف.
ثانياً، الشعبي يشعر أيضاً بثقل أطروحات التحالف الجانحة نحو العلمانية والإسفاف فى التصور السياسي العام والمغالاة فى المواقف وهذه أمور إذا تم النظر إليها من الناحية الوطنية الصرفة وجماهير الشعبي وتاريخه وأطروحاته الفكرية فإنها تمثل معوقاً كبيراً لمسيرة الشعبي.
وأخيراً فإن الشعبي يدرك أن (من بقي) فى التحالف ليسوا سوى بقايا اليسار وهؤلاء لا جماهير لهم والارتباط بهم حتى ولو كان مؤقتاً مدعاة للضياع والإخفاق، إذ أن الفارق كبير بين من يريد أن يتقدم الى الأمام ومن ظل وما يزال يقف فى ذات موقعه منذ عقود بلا حراك من أي نوع!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة