الإصلاح الاقتصادي .. القاطرة وآليات التنفيذ

بقلم/ مكي المغربي
قدمت رأيي من قبل أن مشكلة السودان (حالياً!)  اقتصادية فقط لا غير، وأن ما تم تقديمه من حلول للمشكلات السياسية والأمنية قد بلغ أقصى الجهد سواء أكان بالحوار أم بالحرب، وأن هنالك قرارات اقتصادية محددة ما إن يتم التبشير بها .. نعم .. مجرد تبشير وترويح وإقناع بالدخول في المرحلة الجديدة.. إلا ويتغير سلوك السوق السوداني نحو الاستقرار، ويتغير الشعور العام للأفضل ... وعندها تقود قاطرة "الإصلاح الإقتصادي" بقية المقطورات .. السياسية والأمن والوفاق الوطني والمصالحات والعلاقات الخارجية وليس العكس.
جاءني ردود أفعال مؤيدة ولكن من بينها حوالي ثلاث رسائل تسأل عن آليات التنفيذ لمقترحات "راجع .. مشروع قرارات اقتصادية مهمة للغاية".
1/ المشكلة الأولي وهي مشكلة الأرض .. والتشريعات المنظمة للملكية بأنواعها .. إذ أن الحل الأمثل ليس في نزع الدولة وتعويض الأهالي ومن ثم إدخال المستثمر في منازعات فرعية في تنفيذ قرار النزع على أرض الواقع وهو من صميم عمل الدولة .. "جوهر الحل" في ربط واجبات الدولة والتزاماتها الخدمية بتنظيم الأراضي ودخولها في الخارطة الاستثمارية..
فالمجتمع الأهلي أو الحضري يتجاوب مع فرز الملكيات الحكومية من الأهلية يتقلي خدمات وحوافز مباشرة من عوائد الاستثمار الذي يحل في أرضه .. والذي يبطئ في التجاوب لا تتخلي عنه الدولة ولكن تلتزم تجاهه بالخدمات الأساسية بقدر المتاح، ريثما تكتمل حلقات التبشير والإقناع ... 
لأن كل شيء يجب أن يتم وفق قناعات لا أملاءات .. كما أنه من الإجحاف أن يتم تقديم خدمات من ناتج قومي شاركت في توفيره مناطق أخرى بينما أبطأت المنطقة متلقية الخدمات.
آلية التنفيذ، مفوضية وليس مصلحة للأراضي، لا بد أن تكون مفوضية قومية لها مكاتب ولائية، ولا بد أن تجري عملية مسح دقيقة للغاية حول المنازعات المحتملة وتشرع في تجهيز الوصفات والحلول الاستباقية التي تجعل الأهالي أصحاب مصلحة في حمايتها لا التعدي عليها، وكما ذكرنا من قبل .. هنالك نمط للشركات الأهلية ومؤسسات النفع العام المملوكة لأهالي المنطقة علي سبيل المساهمة الفردية بغرض الربح وليس الملكية الشائعة الفضفاضة .. ويمكن الرجوع لتجارب الدول التي واجهت ذات مشاكل السودان وأوجدت لنفسها حلولاً لمشكلاتها.
2/ قانون العمل مؤسس على الانحياز للطرف الأضعف وهو العامل، وهذا غير حقيقي إلا في الاستثمارات المستقرة في مناطق حضرية تتوفر فيها البني التحتية والصناعية ولكن في المناطق التي تختلف عن ذلك فالمنتج هو "الطرف الأضعف" والعامل المحلي هو الطرف الأقوى لأنه مسنود بالمجتمع المحلي تتوافر له فرص وخيارات أخرى .. وهاهنا يجب أن ينحاز التشريع للمنتج وليس العامل.
آلية تعديل قانون العمل: يجب أن يكون القانون ثمرة مناقشة لحماية صاحب العمل والمنتج والعامل .. ويجب ألا يفترض أي إنحيازات مسبقة لصالح أي طرف .. لأن الظروف تختلف من مكان إلى مكان .. ومن قطاع الى قطاع.
3/ النظام الجبائي يجب أن يتم على أساس تفاوضي له معايير ومرجعيات لا سيما في المناطق التي توجد تكلفة أمنية للحماية، فالاستثمار لا يتوقف أبداً ولكن تضاف قيمة الخدمات للتكلفة "تعدين الذهب نموذجاً".
الآلية: تأسيس مصلحة موحدة للإيرادات الجبايات "كلها: الضرائب، الزكاة، الرسوم الولائية والمحلية، الخ .. ويجب ألا تنشأ جباية إلا بعلم ومعرفة هذه المحصلة ووفق جدولة زمنية وتواقيت ونوافذ تحصيل متقاربة لا متباعدة ومبعثرة .. ويجب أن يكون للمصلحة صلاحيات فرض بعض الاستثناءات وذلك بتغيير نظام الدفع في بعض المناطق بالاتفاق مع المستثمر على خدمات محددة مقبل الإعفاء .. يكون ذلك وفق عقد مبرم ومواصفات محددة وليس متروكاً للجودية والوعود والتفضل .. كان يلتزم مستثمر بتعبيد طريق وفق مواصفات محددة مقابل إسقاط نسبة مقدرة من الجبايات عنه لفترة زمنية محددة .. أيضاً وضع لوائح ونظم للتجنيب وإنشاء وحدة مراجعة فرعية داخل المراجع العام للإشراف عليه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة