ستظل قوى تحالف المعارضة على حالها هذا ملتصقة بالثورية، والثورية من
المحتمل أن تصبح أثراً بعد عين. إلتصاق قوى المعارضة بالثورية هدفه الأساسي
ليس التحالف فى حد ذاته، وإنما حاجة قوى المعارضة (لمليشيا مسلحة) تعينها
على قلب نظام الحكم فى السودان.
الثورية من جانبها لا مانع لديها من أن
تعتلي ظهور تحالف المعارضة لإسباغ (مسحة جماهيرية) على نفسها فهي لا تعدو
كونها حملة سلاح غاضبين لا قواعد لهم. هذه الموازنة فى طريقها للاختلال،
فدولة جنوب السودان لم تعد تحتمل – حتى ولو أرادت – إيواء ودعم الثورية.
ربما
أدركت جوبا بعد أكثر من عامين من الدعم والإيواء أن الأمر أكبر من طاقتها
فهي دولة ناشئة لديها ما يشغلها والاستحقاق الانتخابي بات يطرق الأبواب
ويصم الآذان، كما أن جوبا بدأت تدرك قوة النظام القائم فى الخرطوم وهذا أمر
من المفترض أن تكون على علم به من خلال تجربتها التى إمتدت لـ6 أعوام فى
الفترة الانتقالية من العام 2005 الى 2011م.
دعم جوبا لمسلحين ضد
الخرطوم لم يفدها فى شيء فلا النظام الحاكم فى الخرطوم سقط أو حتى ضعف ولا
مصالح جوبا باتت مؤمنة وبمنآى عما تقترفه يديها. ربما كان من العسير أن تفك
جوبا بسرعة وبجدية تامة إرتباطها بالثورية وقطاع الشمال فهناك (آثار
جانبية) لهذا الأمر أقلها أنها ستدفع فاتورة أخرى لهذه المليشيات من حسابها
الخاص للمحافظة على نفسها إذ ليس من المستغرب ولن يكون غريباً أن تلجأ
الثورية الى زعزعة استقرار النظام الحاكم في جوبا نفسه فى موقف إرتدادي
إذا أحست بأنها باتت تبيت فى العراء وتواجه التشرد، وإذا ما حدث ذلك وهو
سيناريو غير مستبعد فإن المأزق لن يكون مأزق جوبا وحدها، التحالف السوداني
المعارض سوف يدفع ثمن أكبر فهو يراهن الآن كل رهاناته على الثورية وهنالك
استحقاق انتخابي قادم بعد عام واحد.
ومن المقطوع به أن عام واحد هو عام
2014 غير كافٍ لأي أحزاب جادة لكي تستعد لخوض منافسة انتخابية فكلنا يعرف
حال الأحزاب السودانية وإذا جازت المقارنة فإن الحزبين الكبيرين فى
الولايات المتحدة الأمريكية، الجمهوري والديمقراطي يستعدان للمعركة
الانتخابية من لحظة انتهاء المعركة السابقة رغم كل ما يتمتعان به من مقدرات
مالية ودعاية وكوادر مدربة وموهوبة، فما بالك بقوى سياسية أغلبها فشل في
عقد مؤتمر عام له وتتهدده ملاحقات مجلس شئون الأحزاب السياسية!
كيف
لأحزاب سياسية ما تزال تبحث عن ذاتها أن تخوض استحقاق انتخابي وشيك بكل ما
تعنيه الكلمة؟ الأمر المؤكد أن الأحزاب المعارضة ستعايش ذات الفشل القميء
السابق، وتنتظر حتى ظهور نتيجة الانتخابات لتعيد تكرار مقولتها الخالدة..
إن الانتخابات مزورة!
إن الناظر لحال هذه الأحزاب لن يسره أن يراها وهي
تعيش واقعاً مؤسفاً ومحزناً هو فى نهاية المطاف خصم على مستوى الأداء
السياسي فى بلد يشهد تحولاً ديمقراطياً ولو بطيئاً، إذ بهذه الطريقة فإن
المنافسة سوف تصبح حصراً على الحزب القادر على مواجهة نفسه وتحدياته وسوف
يتكفل الزمن بمواراة جسد الأحزاب المعارضة الثرى!
تعليقات
إرسال تعليق